الجمعة الثالثة بعد عيد ارتفاع الصليب «الإنجيل

 

إنجيل اليوم  (يو 5/ 17- 23)

 

17 قال الرّبّ يسوع: "أبي ما يزال يعمل، وأنا أيضًا أعمل".

 

18 لذلك ازداد طلب اليهود لقتله، لأنّه ما كان ينقض السّبت فحسب، بل كان أيضًا يدعو الله أباه، مساويًا نفسه بالله.

 

19 وكان يسوع يجيبهم ويقول: "الحقّ الحقّ أقول لكم، لا يقدر الابن أن يعمل شيئًا من تلقاء نفسه إلاّ ما يرى الآب يعمله. فما يعمله الآب يعمله الابن أيضًا مثله.

 

20 فالآب يحبّ الابن، ويريه كلّ ما يعمل، وسيريه أعمالاً أعظم لتتعجّبوا.

 

21 فكما أنّ الآب يقيم الموتى ويحييهم، كذلك الابن أيضًا يحيي من يشاء.

 

22 فالآب لا يدين أحدًا، بل أعطى الابن أن يدين الجميع.

 

23 ليكرّم الجميع الابن كما يكرّمون الآب. من لا يكرّم الابن لا يكرّم الآب الّذي أرسله".

 

 

أوّلًا قراءتي للنّصّ

 

 

يتألّف  هذا النصّ، من آيتين (17 – 18)، هما الأخيرتين من النصّ الذي يصف فيه يوحنّا الإنجيليّ شفاء يسوع لمفلوج بيت حسدا (5/ 1-18)، يوم السبت، ومن الآيات الخمس الأولى (19 – 23) من النصّ الذي أُعطيَ، في "الترجمة اللّيتورجيّة"، العنوان التالي "الآب والابن" (19 – 30).

 

ينطلق النصّ، بكامله، من موقف عداء قتّال، تجاه يسوع، أخذ يتكوّن ويشتدّ لدى السلطة اليهوديّة، وذلك لأنّه يخالف الشريعة (شفى المفلوج يوم السبت)، ولأنّه على الأخصّ، يساوي نفسه بالله، ويدعو الله أباه؛ ويتضمّن النصّ، في الآيات الخمس المشار إليها أعلاه (19 – 23)، على الجزء الأوّل من جواب يسوع على موقف اليهود، حيث يشدّد على علاقته الحميمة، البنويّة، الفريدة بالله الآب، ذاكرًا "الآب والابن" معًا، سبع مرّات متتالية، للدّلالة على العلاقة الشاملة والكاملة بينهما في كلّ عمل، ودينونة وتكريم.

 

 

الآية (17)

 

جاء جواب يسوع على موقف اليهود العدائيّ والقتال منه، بالعبارة التالية: "أبي ما يزال يعمل وأنا أيضًا أعمل"؛ هذا القول يختصر ما جاء حول علاقة يسوع الابن، الحميمة، بالله الآب في الآيات 19 – 23؛ لقد عمل الله الآب كونه خالقَ الكون من العدم، ولا يزال يعمل كونه مدبّرًا لخلقه، وواعدًا بالخلاص وقادرًا عليه: يقيم الموتى ويحييهم.

 

ويسوع الابن "الذي لا يقدر أن يعمل شيئًا من تلقاء نفسه"، هو يعمل ما يعمله الآب، لأنّ الآب يحبّ الابن، ويريه كلّ ما يعمل، وسيريه أيضًا أعمالاً أعظم (تنال منكم الإعجاب) ليعملها؛ أضف إلى ذلك، أنّ الآب الذي هو الدّيّان العادل، قد تنازل عن سلطانه هذا ("الآب لا يدين أحدًا)، وأعطى الابن، بعد أن أتّم تدبير الله الخلاصيّ، أن يدين الجميع؛ فيسوع الابن هو الدّيّان، وحده، لأنّه هو المخلّص؛ وهذا يستدعي من الجميع أن يكرّموه، بصفته المخلّص والدّيّان، كما يكرّمون الآب، وهذا شرط لا بدّ منه، لتكريم الآب: "من لا يكرّم الابن، لا يكرّم الآب الذي أرسله".

 

 

ثانيًا "قراءة رعائيّة"

 

الآية (17)

ميّز المعلّمون اليهود عمل الله الخالق الذي انتهى في اليوم السابع، وعمل الله الدّيّان الذي يتواصل، ويقود تاريخ البشر إلى غايته؛ هذا يعني أنّ الله لا يتوقّف عن العمل (حتّى على مستوى الخلق، لأنّه يخلق كلّ يوم)؛ ويسوع يقول إنّه يعمل مثل الله، لذلك عاداه اليهود، لأنّه ساوى نفسه بالله.

 

 

الآية (19)

لا يعمل الابن بمعزل الآب؛ ولا يحتفظ الآب بعمل لنفسه، بل يعمله مع الابن (7/ 16-18؛ 8/ 28؛ 12/ 49؛ 14/ 10)؛ وهكذا، يكون عمل يسوع (المنظور) إظهارًا لعمل الآب الذي لا نستطيع أن نراه.

 

 

الآيات (20 –22)

الآب يحبّ الابن، فيكشف له عن مخطّطاته وأهدافه؛ نتذكّر أنّ مبادرة الخلاص تنطلق من الآب، وتمرّ بالابن، وتصل إلى الناس بواسطة الروح القدس؛ إن كان الناس قد تعجّبوا من معجزة أجراها يسوع، فسيتعجّبون، بالأحرى، من أعمال ترتبط بارتفاعه في المجد، بإقامته الموتى مثل الآب الذي يقيم الموتى، وبإدانته للجميع.

 

 

الآية (23)

ارتبط مجد الآب بالابن، ومجد الابن بالآب؛ نحن، هنا، حقـًا في قلب العلاقة الفريدة بين الآب والابن.

 

 

الأب توما مهنّا